نور الايمان مشرفة عام
عدد الرسائل : 917 Personalized field : تاريخ التسجيل : 05/03/2008
| موضوع: الدرس الأول " الحديث الأربعين النووية " من الأكاديمية " المستوى الأول " الإثنين 20 أكتوبر 2008, 04:27 | |
| الحديث – المستوى الأول – شرح الأربعين النووية الدرس الأول : تقديم للكتاب - البدء فيشرح الحديث الأول المقدمة :ما المراد بالحديث، وما المراد بالسنة النبوية، وهل السنة لا تطلق إلا على ما يُنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟الحديث أو السنة عند المحدثين: هي ما نُسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلْقية أو خُلقية،وما نُسب إلى غيره أي إلى الصحابة أو إلى التابعين يدخل عند جمهور المحدثين في عموم الخبر أو الأثر.· القول، وهذا أكثر الأحاديث، أكثر السنة هي من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، وهي كثيرة منها (إنما الأعمال بالنيات)، (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ)، آلاف مؤلفة من الأحاديث التي تُسمى الأحاديث القولية، أي تلفظ بها النبي صلى الله عليه وسلم.· أو فعل، الفعل هو أفعال النبي صلى الله عليه وسلم، مثل ما نقل الصحابة في وضوئه عليه الصلاة والسلام، في صلاته، في صيامه، في حجه، في تعامله مع الآخرين، في بيعه وشرائه، فعندما يقول الراوي أو الصحابي كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل كذا وكان كذا، فهذه هي الأفعال.· أو تقرير، أي أن يقر النبي صلى الله عليه وسلم فعلا، سواءً أقره بقوله، أم لم يقره بقوله، وإنما أقر هذا الفعل، والأحاديث الفعلية والتقريرية أقل من الأحاديث القولية.· أو نُسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم o من صفات خلقية، كان كريمًا، كان جوادًا، كان متواضعًا، عليه الصلاة والسلام.o أو خلقية، كان طويلا، كان أبيضًا مشروبًا بحمرة، وكان إذا مشى كأنه منحدرٌ من صبب.وكأني بقائلٍ يقول ما لنا وللصفات الخلقية، ولكن قد يُقتبس منها سنة فعلية، مثل (كان إذا مشى ينحدر من صبب)، فنأخذ صفة المشي للرجل المعتبر، فليست كمشية الرجل الهزيل إذا مشى، بل يمشي منحدرٌ من صبب، لا يلتفت يمنة ولا يسرة، إذًا أخذنا من الصفات الخلقية بعض السنن التي نستفيدها من حياة النبي صلى الله عليه وسلم.هل بينهما ترادف؟ هل بينهما تطابق ؟لفظ السنة والحديث مترادفان، فالسنة تساوي الحديث عند المحدثين، لكن السنة تختلف عند الفقهاء، وتختلف عند أهل أصول الفقه، قد ترد عند علماء العقيدة، وكل يستعملها بحسب الاصطلاح الذي يتعامل معه، فالسنة عند الفقهاء لا ينظرون إليها على أنها أُثرت عن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما ينظرون إليها باعتبار أنها حكم تكليفي، فالأحكام التكليفية إما واجب، وإما سنة أي مستحب، أو مباح أو مكروه، أو محرم.علماء الأصول قريب من المحدثين، يأخذونها باعتبار أنها مصدر تشريع من مصادر التشريع الإسلامي، فعندما نقول المصدر، فالأساس هو الكتاب والسنة، ولذلك لا يدخلون معها الصفات، إنما يقولون ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير مما يصلح أن يكون دليلا شرعيًّا، لأنهم نظروا إلى أن السنة مصدرًا من مصارد التشريع.علماء العقيدة إذا قالوا هذا العمل سنة فإنهم يقصدون أن هذا العمل دل عليه الدليل من القرآن والسنة، فيأخذه علماء العقيدة باعتبار أن السنه البدعة، فليست السنة مجرد ما أُثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ) حتى قال (وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة)، فهنا البدعة مقابل ما قاله في أول الحديث، أي السنة. نحن نتحدث هنا باعتبار أنها منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يعني نأخذها باعتبار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا القول، فعل هذا الفعل، فنستنبط منه ما يدل عليه هذا القول، وما يدل عليه هذا الفعل.أهمية تعلم السنة النبوية ؟السنة النبوية لاشك أنها ذات أهمية كبرى في حياة الناس، يكفي أن نشير إلى بعض النقاط في هذا الباب، ومن أهم النقاط:· أن السنة جاءت مفسرة ومبينة ومفصلة لما جاء في كتاب الله عزّ وجلّ، وهي التطبيق الواقعي على الأرض لكتاب الله سبحانه وتعالى، هل نجد في القرآن عدد الصلوات؟ هل نجد عدد الركعات؟ هل نجد أنصبة الزكاة، هل نجد تفصيل أحكام الصيام؟ هل نجد تفصيل أحكام الحج والعمرة؟ وقس على ذلك سائر التشريع.· أنه لا يمكن فهم القرآن الكريم إلا بالسنة النبوية، فلا يمكن أن نفهم كثير من أحكام القرآن أو من تشريعات الله سبحانه وتعالى في كتابه عزّ وجلّ إلا من خلال السنة النبوية.· أيضًا أن دراسة السنة النبوية هي من العبادة والطاعة لله عزّ وجلّ، وفي كثير من الآيات قرن الله سبحانه وتعالى طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بطاعته جلّ وعلا، فالسنة والقرآن صنوان، لا يمكن أن نكتفي بالقرآن كما تقول بعض الفرق، يقولون نكتفي بالقرآن وندع السنة، فالسنة كانت في مرحلة معينة من الزمن فطبقت وانتهت، فنكتفي بالقرآن، هذا كلام غير سليم، فلا يمكن أن يُعمل بالقرآن ولا يعمل بالسنة، والسنة لا يمكن فهمها إلا بالقرآن، ولا يمكن فهم القرآن إلا بالسنة، ومن ثم أصبح العمل بالسنة وتعلم السنة وتعليمها طاعة لله عزّ وجلّ، لأن الله عزّ وجلّ قرن بين طاعة رسوله وبين طاعته جلّ وعلا في آيات كثيرة، ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [النساء: 80].· هناك أحكامًا كثيرة لم تٌبين في القرآن، وهذه الأحكام بينها النبي صلى الله عليه وسلم.· وأيضًا من أهمية السنة أنه قد يقول قائل أن الكلام في القرآن وما أنزله الله جلّ وعلا في القرآن أو حتى ما تحدث به الرسول صلى الله عليه وسلم يبقى الكلام نظريًّا، لكن حياة النبي صلى الله عليه وسلم هي التطبيق الواقعي في الحياة، لذلك جاء الحث الكبير في القرآن وفي السنة على تعلم السنة، ومن ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( نضر الله امرءًا سمع مقالاتي فوعاها، فأداها كما سمعها، فرُب مُبلَّغ أوعى من سامع )، وهذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لمن تعلم هذه السنة، بأن يكون صاحب نضارة ونور في الدنيا وفي الآخرة.إذًا نخلص إلى ضرورة تعلم السنة لنندرج تحت تبعية النبي صلى الله عليه وسلم، وتنالنا دعوته عليه الصلاة والسلام بالنور والوضاءة يوم القيامة، وحتى ننال محبة الله سبحانه وتعالى، ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31]،كيف قابل أئمة الإسلام هذا العلم؟ هل ألفوا فيه؟ هل تعاملوا معه ؟هذه السنة اعتنى بها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده عليه الصلاة والسلام، ثم من بعدهم من الأئمة، وأصبح علم كبير اسمه علم تاريخ السنة، المهم أن السنة دُونت في الكتب، وأصبح هناك ثروة عظيمة وكبيرة جدًا حتى يومنا هذا، ولازال المهتمون بالسنة النبوية على تواصل مع هذه التآليف.دُونت الكتب بأنواع وأنماط وأقسام مختلفة حتى أصبح من الكتب ما هو أصح الكتب بعد كتاب الله عزّ وجلّ، وهو كتاب الإمام البخاري، وقريبٌ منه أو مثله كتاب الإمام مسلم، فأصبح صحيح البخاري وصحيح مسلم هما أصح الكتب بعد كتاب الله عزّ وجلّ، وقد تلقت الأمة هذين الكتابين بالقبول، فكل ما فيهما فهو صحيح.بعد ذلك جاءت مجموعة كبيرة من الكتب أخذت مسميات مثل السنن، المعاجم، المسانيد، المصنفات، فيها الصحيح وهو كثير، وفيها ما دون الصحيح وهو المصطلح عليه بالحسن، وفيه ما هو ضعيف يحتاج إلى ما يُرقيه، وفيها ما هو متروك ومردود، وهو الموضوع. من ضمن المؤلفات المؤلفات في صنف معين، إما المؤلفات في الأحكام، المؤلفات في الترغيب والترهيب، مؤلفات في موضوعٍ خاص، فمن ضمن هذه المؤلفات ما اصطلح عليه أهل العلم بتأليف الأربعينيّات، بعض أهل العلم يستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم (من حفظ على أمتي أربعين حديثًا من أمر دينها بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء)، هذا الحديث ضعيف باتفاق الأئمة، لكن استأنس كثيرٌ من أهل العلم به فصاروا يؤلفون الأربعين، الإمام النووي يقول لا، أنا ما ألفت هذه الأربعين بناءً على هذه الحديث، وإنما بناء على الحديث السابق الذي ذكرناه، وهو قوله عليه الصلاة والسلام ( نضر الله امرءًا سمع مقالاتي فوعاها فأداها كما سمعها، فرُب مُبلَّغ أوعى من سامع ). ما الأربعون النووية؟ من مؤلفها؟ هل شرحها أحد؟ تحتوي على ماذا؟إذًا من ضمن المؤلفات ما يُسمى بالأربعين، الأربعون هذه قد يؤلفها في موضوعٍ خاص، في الزهد، قد تؤلف في كليات الإسلام، قد تؤلف في موضوع الجهاد مثلا، موضوع القرآن، وهكذا، الإمام النووي يقول "نظرتُ في هذه التآليف فوجدت أن من أعظمها أن أؤلف في قواعد الدين"، يعني المنطلقات التي يُنطلق منها لدين الله عزّ وجلّ، ولاشك أن دين الإسلام لا ينطلق من فراغ أو ينطلق من أهواء ورغبات شخصية، أو ينطلق بناءً على عقول الناس أو تفكير الناس، إنما ينطلق من قواعد كلية تُستنبط من كتاب الله ومن سنة روسوله صلى الله عليه وسلم، ولاشك أن هذا علمٌ كبيرٌ، وعلم أساس، فالإمام النووي وُفق رحمه الله في جمع هذه الأربعين في هذه الكليات الكبرى كما سنلاحظ في كل حديث من هذه الأحاديث، حديث النية، حديث توقيف العبادات، حديث قاعدة الحلال والحرام، حديث قاعدة القدر، حديث مراتب الدين، حديث الإسلام، وهكذا سنجد كل حديث من هذه الأحاديث يمثل قاعدة كبيرةٌ كلية من هذه الكليات.أول هذه الأحاديث كان بدأها الإمام أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله، فوصل إلى نحو عشرين أو واحد وعشرين أو اثنين وعشرين حديثًا، نظر فيها الإمام النووي، وقد وجد أنها فعلا تمثل كليات في الدين فأخذها، ثم زادها إلى اثنين وأربعين حديثًا، فسُميت الأربعين النووية، والنووية نسبةً إليه رحمه الله تعالى.الإمام محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف النووي الشافعي رحمه الله، وُلد سنة ستمائة وواحد وثلاثين للهجرة، الإمام النووي رحمه الله كان والده يشتغل بالبيع والشراء فيأخذه وهو صبي معه في هذا الدكان، وكان يتضايق رحمه الله وكان يراجع محفوظاته، يراجع القرآن الكريم وهو صغير قبل السابعة، فيراجع ما حفظ، يخرج من بيته ويجد الصبيان يلعبون، فلا يلعب معهم، وإذا أُلزم بهذا اللعب تضايق تضايقًا شديدًا، ولذلك اتجه لحلق العلم، فدرس على كبار زمانه بعد حفظ القرآن أمهات كتب السنة وقرأها، حتى برع وهو صغير، برع في هذا العلم وهو صغير. اشتهر رحمه الله بالزهد، فكان لا يقيم يومه وليلته إلا بشيءٍ من الخبز يغطه في الماء، فقط، ويقيم حياته على ذلك، ويتفرغ تفرغًا لطلب العلم، لذلك برع في الحديث، وشرح صحيح الإمام مسلم، والأربعين النووية، وبرع في الفقه، وألف روضة الطالبين في الفقه الشافعي، وبدأ المجموع وهو من أوسع كتب الفقه، لكن لم يتمه رحمه الله، برع في الجرح والتعديل، ألف كتاب تهذيب الأسماء و هو اللغات وفي الرجال عمومًا، ومن كتب الحديث المشهورة الكتاب الذي نسمع قراءته في كل مسجد تقريبًا وهو كتاب رياض الصالحين. أيضًا رحمه الله اشتهر مع الزهد والعلم بالعبادة والغيرة على دين الله عزّ وجلّ حتى اشتهر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تُوفي رحمه الله وهو صغير عمره لا يتجاوز ثلاث وأربعين سنة، ومع ذلك أخذ لقب الإمامة، فيُقال الإمام النووي، وهذا نتيجة لما ملأ شبابه في القراءة والبحث والاطلاع والاستماع والتلقي عن أهل العلم.هذه الأربعين نالت اهتمام أهل العلم من بعد الإمام النووي رحمه الله، حتى شرحها عددٌ من أهل العلم، من أوسع الشروحات لهذه الأربعين شرح الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه المشهور "جامع العلوم والحكم" لاشك أن هناك شروحٌ مطولة مثل شرح ابن رجب رحمه الله، وهو شرح ميزته التطويل، فيذكر في الغالب جميع ما تحتوي عليه هذه الأحاديث، ويستحضر المسائل المستنبطة من هذه الأحاديث، ويدلل عليها من القرآن، من السنة، إذا كانت تحتوي على أحكام يفصلها، إذا كانت تحتوي على الترهيب والترغيب يستطرد في ذلك، وشرحها كذلك ابن دقيق العيد، وهو من أئمة الشافعية الكبار في شرحٍ موجز، والإمام النووي نفسه علق عليها بعض التعليقات الخفيفة، ولازالت تُشرح إلى اليوم، وذلك لما تحتويه هذه الأحاديث الأربعين من كليات الدين المهمة التي يحتاجها طالب العلم.المنهجية في تعلم الحديث:تبدأ بعد الإمام النووي، وفي الغالب الذي مشى عليه أهل العلم أن يُبدأ بالأربعين النووية، يحفظها طالب الحديث أو طالب العلم، ويقرأ شرحًا لها أو يستمع إلى شرحٍ لها، بعد الأربعين النووية يتجه الطالب لى مدة الأحكام، أو العمدة في الحديث، عمدة الأحكام هذه للإمام من؟ عبد الغني المقدسي الحنبلي رحمه الله، تحتوي على أكثر من أربعمائة حديث، كلها في الأحكام، كلها أحاديث صحيحة، كما أن الأربعين النووية أحاديث صحيحة، وقليلٌ منها يصل إلى رتبة الحسن، وهذه الأحاديث الصحيحة عليها عمدة الأحكام. بعد ذلك يتجه الطالب بعد أن يحفظ العمدة ويقرأ شرحها، يتجه إلى بلوغ المرام للحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي رحمه الله، وبلوغ المرام أكثر من ألف حديث، أغلبه صحيح، وفيه الحسن، وقليلٌ منه الضعيف، لكن هذا الضعيف هو محل استشهاد عند الفقهاء رحمهم الله، ولذلك يذكره ويبين درجته، وما يعضده من النصوص الأخرى يتبين من قال به من أهل المذاهب. بعد هذا التدرج ينطلق الطالب في المطولات ابتداءً بالصحاح، ثم السنن، وهكذا.هل يُشترط يا شيخ حفظ المتن؟ أم حفظ السند والمتن؟ بالنسبة للأربعين النووية ليس فيها أسانيد، لكن المهم أن يحفظ المتن، والراوي الذي هو الصحابي، ومن أخرج هذا الحديث من الأئمة، لكن الأربعين ليست فيها أسانيد، وذلك للتسهيل على طالب العلم. طريقنا إن شاء الله في شرح الحديث كالآتي،· أول ما نتحدث عن تخريج الحديث تخريج إجمالي، · النقطة الثانية أن نبين ما يحتاج إلى بيان من ألفاظ الحديث،· الناحية الثالثة المسائل والقضايا والفوائد والأحكام المستنبطة من الحديث، وما يحتاج إلى تفصيلٍ من هذه المسائل سنفصله إن شاء الله.يتبع بإذن الله
| |
|
نور الايمان مشرفة عام
عدد الرسائل : 917 Personalized field : تاريخ التسجيل : 05/03/2008
| موضوع: رد: الدرس الأول " الحديث الأربعين النووية " من الأكاديمية " المستوى الأول " الإثنين 20 أكتوبر 2008, 09:51 | |
| الحديث الأول لا عمل إلا بنية
عن أمـيـر المؤمنـين أبي حـفص عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عـليه وسلم يـقـول : ( إنـما الأعـمـال بالنيات، وإنـمـا لكـل امـرئ ما نـوى، فمن كـانت هجرته إلى الله ورسولـه، فهجرتـه إلى الله ورسـوله، ومن كانت هجرته لـدنيا يصـيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه ).
رواه إمام المحدثين: أبـو عـبـد الله محمد بن إسماعـيل ابن إبراهيم بن المغيرة بن بـَرْدِزْبَه البخاري، وأبو الحسـيـن مسلم ابن الحجاج بن مـسلم القـشـيري الـنيسـابـوري في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب المصنفة.
تخريج الحديث :
هذا الحديث كما ذكر الإمام النووي بالنسبة لتخريجه رواه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، ورواه الإمام مسلم، وما رواه البخاري ومسلم فهو صحيح، أجمعت الأمة على قبول كتاب البخاري وكتاب الإمام مسلم، والخلاف عند الأئمة ليس في الصحة، وإنما الخلاف في أيهما يُقدم، ففي السابق عند أهل الشرق يقدم البخاري، وعند المغاربة يٌقدم مسلم، ولذلك الناظم يقول: تخاصم قومٌ في البخاري ومسلمِ فقلت لقد فاق البخاري صحةً
|
| وقالوا أي ذين تقدمو كما فاق في حسن الصناعة مسلمُ
|
الإمام البخاري فاق الإمام مسلم من حيث قوة الحديث وصحته، أما الإمام مسلم فالسبك والترتيب والتنظيم في التأليف فاق الإمام البخاري. المشارقة نظروا في صحة الحديث، وقوة الحديث، والمغاربة نظروا إلى التنظيم والترتيب؛ ولذلك اعتنوا بصحيح مسلم، وكثير من شراح مسلم هم من المغاربة، وأيضًا شرحه المشارقة. فعلى أي حال كلا الكتابين هما صحيحان. والأمة تلقت هذين الكتابين بالقبول، فهما أصح الكتب بعد كتاب الله عزّ وجلّ. هل يعني أنهما ذكرا جميع الصحيح؟ أم هناك أحاديث صحيحة لم يذكرها؟ نعم، هناك أحاديث كثيرة لم يذكرها البخاري، ولم يذكرها مسلم، لذلك الإمام البخاري والإمام مسلم لم يشترطا أن يحصرا جميع الأحاديث، إنما وضعوا شروطًا لأحاديثهم، فما وافق هذه الشروط من الأحاديث وضعوه في كتبهم. ونعود ونقول ما رواه البخاري ومسلم فهو صحيحٌ لتلقي الأمة لهذين الكتابين القبول.
ألفاظ الحديث :
إنما: أداة حصر تحصر شيء بشيء، ولذلك حُصرت الأعمال هنا بالنية كما سيأتي.
الأعمال:هل هي جميع الأعمال، أم هي خاصة بالأعمال المشروعة التي يُتقرب بها إلى الله؟
قولان لأهل العلم، والصحيح أنها عامة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الأعمال بالنيات"، فاستغرقت "أل" هنا جميع الأعمال، والمراد بالأعمال هنا جزاؤها صحةً أو فسادًا، ليشمل الأعمال الجائزة وغير الجائزة.
بالنيات :
· النية في اللغة : هي القصد، "نويت أن أسافر إلى مكة" يعني "قصدت السفر إلى مكة"، "نويت أن أصوم" أي "قصدت الصيام".
· أما من حيث الاصطلاح الشرعي فالنية يُراد بها أحد معنيين :
o تمييز العمل بعضه عن بعض، أو تمييز العبادة بعضها عن بعض، مثل الصلاة، كأن أنوي أن أصلي الظهر، أو أن أصلي العصر، إذًا ميزت صلاة الظهر عن صلاة العصر بالنية، كلاهما أربع ركعات، والصفة واحدة.
o تمييز المقصود بالعمل هل هو لله أو لغيره أو لله ولغيره، فمن الناس من يصلي الصلاة طاعة لله عزّ وجلّ، ومنهم من يصلى مجاملة لصديقه، ومنهم كالأطفال يصلون خوفًا من أبائهم. كما في هذا الحديث.
وإنما لكل امرئٍ ما نوى : أن جزاء كل إنسان بحسب نيته.
فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله :
قد يُفهم الكلام على غير ظاهره، لذلك دائمًا النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على ضرب الأمثلة، وقد مثل هنا بعملٍ قائمٍ في وقته، وهذا من بلاغة النبي صلى الله عليه وسلم.
· الهجرة لغةً: هي الانتقال أو الترك.
· الهجرة تدرجت في المعنى الاصطلاحي على ثلاث مراحل:
o المرحلة الأولى: هي الانتقال من مكة إلى المدينة، هذا المعنى انتهى بفتح مكة، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا هجرة بعد الفتح ).
o المرحلة الثانية: الانتقال من بلد الشرك أو الكفر إلى بلد الإسلام، وهذا باقي إذا وُجد سببه، يعني الهجرة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام ما نقول واجبة باقية على إطلاقها، لماذا؟ لأنه قد لا يستطيع أن يهاجر، أو يقيم شعائر دينه في بلده، يقول أنا أستطيع أن أقيم شعائري ولو كان بلد كفر، أستطيع أن أقيم شعائر الدين، أستطيع أن أدعو في بلدي، أستطيع أن أمارس جميع متطلبات حياتي، لا خوف على ديني ولا على أولادي
o المرحلة الثالثة: هي الانتقال من الذنوب والعاصي إلى الطاعات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه).
متى تكون الهجرة واجبة؟
بشرطين :
· إذا خاف المسلم على دينه، أي أن يخاف ألا يقيم شعائر دينه، فلا يستطيع أن يصلي، أو أن يصوم،أو أن يزكي.
· أن يستطيع الهجرة، أما إذا لم يستطع فلا تكليف بما لا يُستطاع، لا يُكلف الله نفسًا إلا وُسعها، الله سبحانه وتعالى لا يُحاسب إلا على المقدور.
من كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، العادة في الكلام العربي أن الشرط غير الجزاء، من فعل هذا الفعل أكافئه بهذه المكافأة، لا أقول من دخل هذا المكان فقد دخل هذا المكان، فلماذا كان هنا؟
الجزاء قد يكون ظاهرًا في اللفظ، وقد يكون في المعنى، وهنا هو في المعنى، (من كانت هجرته إلى الله ورسوله ) الشرط واضح، الجزاء ثوابه على الله ورسوله، إذًا معنى (فهجرته إلى الله ورسوله ) أي ثوابه وجزاؤه على الله ورسوله.
ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أي للحصول على المال.
أو امرأةٍ ينكحها، أي أنه سيهاجر ليتزوج فلانة من الناس،
فهجرته إلى ما هاجر إليه، أي فجزاؤه أن يُحصِّل ما أراد بهذه الهجرة.
سبب ورود الحديث :
وقد ذكر البعض أن هذا الحديث له سبب، وهو ما رواه بعض أهل العلم أن رجلا من الأعراب هاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم، ليخطب امرأةً ويريد أن يتزوج بها، وهي أم قيس، فقيل له مهاجر أم قيس، ولذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم (فمن كـانت هجرته إلى الله ورسولـه؛ فهجرتـه إلى الله ورسـوله، ومن كانت هجرته لـدنيا يصـيبها أو امرأة ينكحها؛ فهجرته إلى ما هاجر إليه )، فقيل إن سبب هذا الحديث هو مهاجر أم قيس، أنه هاجر ليس من أجل الهجرة ذاتها، وإنما من أجل أن يتزوج أم قيس، لكن هذا لم يصح إسنادًا، كما ذكر الحافظ ابن رجب رحمه الله "تتبعته فلم أجد له أصلا".
أهمية الحديث:
هذا الحديث له أهمية كبرى، تكلم عنها علماء الإسلام وأئمة الدين كلامًا كثيرًا، من ذلك يقول الإمام الشافعي رحمه الله "هذا الحديث ثلث العلم، ويدخل في سبعين بابًا من أبواب الفقه"، والإمام أحمد بن حنبل يقول "أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث"، وذكر منها هذا الحديث، وحديث البدعة، وحديث (الحلال بين والحرام بين).
ومن أهمية هذا الحديث أن إمام المحدثين الإمام البخاري رحمه الله صدّر به كتابه، وجعله أول حديث، رغم أنه في الظاهر لا ينتمي إلى الباب المصدر، وهو باب بدء الوحي، وذكر حديث ( إنما الأعمال بالنيات )، دلالةً على أن هذا العلم، الذي هو علم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى نية، وأن كل عمل يحتاج إلى نية.
وقد تبع الإمام البخاري كثيرٌ من أهل العلم، ومنهم الإمام النووي رحمه الله، فقد صدر أيضًا هذه الأربعين بهذا الحديث العظيم، فهو في مقام المقدمة أو في مقام الحاجة، لبيان أن كل عمل لا يمكن أن يقوم إلا على نية صالحة، فيرجو هذا المؤلف كما يرجو المؤلف من كل قارئ أن تصلح نيته لهذا العمل.
يتبع بإذن الله | |
|
نور الايمان مشرفة عام
عدد الرسائل : 917 Personalized field : تاريخ التسجيل : 05/03/2008
| |