نور الايمان مشرفة عام
عدد الرسائل : 917 Personalized field : تاريخ التسجيل : 05/03/2008
| موضوع: نظرات في ضعف الالتزام الإثنين 06 أكتوبر 2008, 10:53 | |
|
نظرات في ضعف الالتزام |
هذا الموضوع ينبغي أن يكون محل اهتمام كل عبدٍ من عباد الله ؛ وذلك أن الإيمان يزيد وينقص، لاسيما في هذه الأزمان التي غلب عليها سمة الضعف لكثرة الملهيات والمشغلات ولكثرة الصوارف عن طريق الله المستقيم
وسوف يكون الكلام حول العناصر التالية :
أولاً : معنى الالتزام . وما يرادف الكلمة .
ثانياً : حقيقة الالتزام .
ثالثاً : لماذا الالتزام ؟ .
رابعاً : ضعف الالتزام :
* أسبابه * آثار ومظاهر ضعف الالتزام * علاج ضعف الالتزام .
أولاً : معنى الالتزام :
الالتزام في اللغة :
الاستمساك بالشيء وعدم تركه والالتصاق به وعدم مفارقته
ويعني الالتزام أيضا الاعتناق
ومما يدل على مجيئه بمعنى الاستمساك والالتصاق ما جاء في مسلم في قصة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ليلة بدر فجاء أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من روائه وقال يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك
ومثله قول (التزمته) أي : في السلام والمعانقة ، ويأتي بمعنى التعهد والإيجاب على النفس في أي أمر من الأمور ويكون هنا لازماً ومتعدياً فتقول التزمت العهد والأمر والتزمت بالأمر وبالعهد .
أما معناه في الاصطلاح :
فهو بحسب استعماله فينقل المعنى اللغوي إلى ما يراد الالتزام به والمراد به :الالتزام بالسنة والشريعة عقيدةً وعبادةً وأخلاقاً وسلوكاً .
ويقارب هذا اللفظ أو هذا المصطلح لفظ : (الاستقامة) ، لكنه أوسع وأشمل تضمناً لما يلتزم به . وإن كان الأخير هو اللفظ الوارد في الكتاب والسنة .
فمن كتاب الله قوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)) (فصلت: 30) .
وقوله تعالى : ((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)) (الأحقاف : 13) .
ومن السنة ما جاء في صحيح مسلم من حديث سفيان بن عبدالله الثقفي قال قلت يا رسول الله : (( قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدا بعدك قال : قل آمنت بالله فاستقم ))
وجاء في صحيح البخاري من حديث حذيفة – رضي الله عنه –قال: (( يا معشر القراء استقيموا فقد سبقتم سبقاً بعيداً فإن أخذتم يميناً وشمالاً لقد ضللتم ضلالاً بعيداً ))
ثانياً : حقيقة الالتزام :
الالتزام هو : حالة قلبية قولية علمية تحمل صاحبها على التزام الشرع والسنة والاستمساك بهما علماً وعملاً ودعوةً وتعليماً .
وباعثها : معرفة الله حق المعرفة وتقديره حق قدره وإجلاله في القلب وتعظيم أمره ونهيه ومعرفة آلائه ومننه وشهود التقصير والذنب .
ونلحظ هذه المعاني في دعاء الصالحين الملتزمين المستقيمين في دعاء سيد الاستغفار كما في حديث شداد بن أوس كما في البخاري ((اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ))
ثالثاً : لماذا الالتزام ؟
فإن الالتزام بالإسلام عقيدةً وعبادةً وسلوكاً ليس نفلاً أو خياراً من الخيارات التي هي أمام الشاب ، وليس الالتزام مرحلة انتقائية للشاب أن يتراخى في وصولها ، وليس الالتزام موجة عصرية تركب لمسايرة الركب دون استشعار لمعانيها .
وليس الالتزام مظهراً تكتسب به الثقة بين الناس والتمكين في قلوبهم ويكسبه شهادة حسن السيرة والسلوك، وليس هو ترنح بين مسلكين لإمساك العصا من الوسط وإظهار التباكي على الواقع بما فيه من مآسي وويلات، وما فيه من انحراف وتقصير، وليس الالتزام كذلك مجالاً للتنعم في الدنيا فيسلكه السالك ليكون مطمئن البال هادئ النفس مكفول المعيشة .
فالالتزام ليس شيئا مما سبق استقلالاً وابتداءً وإن كان بعض ما ذكر من آثاره ونتائجه .
وإنما الالتزام هو واجبُ الدين ومقتضى الإيمان وهو معنى تحقيق الشهادتين الشهادة لله بالعبودية والإخلاص لله تبارك وتعالى في جميع ما يفعل الإنسان وما يذر ،كما يستلزم
الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة والبلاغ الذي مقتضاها طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما عنه نهى وزجر وألا يعبد الله إلا بما شرع وذلك يورث أعظم الثمرات في الدنيا والآخرة .
يقول ابن القيم رحمه الله: ( الاستقامة كلمة جامعة آخذة بمجامع الدين ، وهي القيام بين يدي الله على حقيقة الصدق والوفاء، وهي تتعلق بالأقوال والأفعال والأحوال والثبات. والاستقامة وقوعها لله وبالله وعلى أمر الله ... قال: وسمعنا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: ( أعظم الكرامة لزوم الاستقامة ) .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "الاستقامة أن تستقيم على الأمر والنهي ولا تروغ روغان الثعلب
إن أعظم أسس الالتزام والاستقامة التحقق بتلك المسائل التي سطرها يراع الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله حين قال : اعلم رحمك الله أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل :
الأولى : العلم وهو المعرفة أي : معرفة الله ومعرفة رسوله ومعرفة دين الإسلام بالأدلة .
الثانية : العمل به .
الثالثة : الدعوة إليه .
الرابعة : الصبر على الأذى فيه .
ثم قال – رحمه الله - : اعلم أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم ثلاث هذه المسائل والعمل بهن :
الأولى : أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملا بل أرسل إلينا رسولا فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار والدليل قوله تعالى : ((إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً)) (المزّمِّل: 15)
الثانية : أن الله لا يرضى أن يشرك معه أحد في عبادته لا ملك مقرب ولا نبي مرسل والدليل قوله تعالى : (( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً )) (الجن : 18) .
الثالثة : أن من أطاع الرسول ووحد الله لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب والدليل قوله تعالى: (( لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) (المجادلة : 22).
يتبع بإذن الله
|
| |
|
نور الايمان مشرفة عام
عدد الرسائل : 917 Personalized field : تاريخ التسجيل : 05/03/2008
| موضوع: رد: نظرات في ضعف الالتزام الثلاثاء 07 أكتوبر 2008, 06:27 | |
|
رابعاً : ضعف الالتزام أو الالتزام النسبي :
عرفنا أن مجال الالتزام وجهاته عدة :
الالتزام في الاعتقاد،
الالتزام في العبادة،
الالتزام في السلوك والتعامل وفي الأقوال والأفعال
الالتزام في التفكير،
الالتزام في الغرائز والعواطف
الالتزام في القضايا الاقتصادية والاجتماعية وغيرها
والمطلوب القيام بها جميعاً على نحو السداد والمقاربة ، كما جاء في صحيح البخاري من حديث أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((سددوا وقاربوا واعلموا أنه لن يدخل أحدكم عمله الجنة وأن أحب الأعمال أدومها إلى الله وإن قل ))
والمرء دائماً بين شرة وفترة بين قوة واندفاع ، بين ضعف وفتور .
والخير في القوة والمسارعة في الأعمال الصالحة بلا شطط أوغلوا وإن عرض ضعف فضعف لا يخرج إلى ترك المأمور وفعل المحظور، وهو ضعف لا يلبث صاحبه أن يستعيد قواه مرة أخرى ليجدد نشاطه بدأً بتجديد الإيمان في القلب وإمرار الآيات الشرعية والكونية على القلب والروح وانتهاء بالنشاط في جميع المجالات والأمور .
فقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة –أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتجر حصيرا بالليل فيصلي ويبسطه بالنهار فيجلس عليه فجعل الناس يثوبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيصلون بصلاته حتى كثروا فأقبل فقال: ((يا أيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل ))
والذي يعرض للالتزام ويشوبه أحد شيئين وقبل ذكرها أشير إلى أن المعني هنا بالملتزم الذي تعرض له مثل هذه الأمور وهو مسلم الاختيار وهو الذي حصلت له استقامة وهداية وتربية وصلاح بسبب خاص أو عام خطبة أو محاضرة أو موعظة أو صحبة أو حدث معين أو مجموع هذه الأمور كلها الملتزم هم أولئك الشباب الأخيار الذين انخرطوا في سلك الدعوة والتربية وتهيأت لهم مجالاتها أكثر من غيرهم وتنتظر منهم الأمة عملاً وإنتاجاً وقيادةً وتربيةً للأجيال القادمة ... ويدخل في هؤلاء أيضا قطاع كبير ممن التزم الاستقامة من غير طبقة الشباب وقام على نفسه وأولاده ونحوهم بالتربية والتنشئة الطيبة .
بعد هذا نعود إلى ما يعرض للالتزام وهما أمران :
الأمر الأول : أن يكون التزامه في البداية ناقصاً أو مقصوراً على بعض المجالات السابقة كأن يكون قوي الالتزام في العبادات مثلاً ، لكنه ضعيف أو عديم الالتزام في السلوك والتعامل مع الآخرين سيء الأخلاق .
أو يكون ملتزماً ببعض الجوانب كالعبادات الظاهرة والشكل الخارجي لكنه ضعيف الالتزام في رصيدها من أعمال القلوب من جهة العلم والمعرفة واللهج بذكر الله تبارك وتعالى .أو يكون غير ملتزم بالأمور المالية ومسائل الأمانات وهذا أمر موجود وهو باب واسع وكثير من الناس يعتريهم هذا الأمر وهو من نتائج ضعف الإيمان و الكلام فيه طويل و نكتفي منه بذلك .
الأمر الثاني : الضعف الطارئ على جميع ما يجب الالتزام به أو على بعضه وذلك بعد أو وصول المرء في الالتزام والخير إلى درجات عالية من التدين والاستقامة حيث درّب نفسه وروضها على معالي الأمور وحاسب نفسه عليها وتابع فيها أحواله ثم لما كان في مرحلة يظن فيه الازدياد والتقدم بدأ يحصل له شيء من الضعف والاسترخاء والتراجعات الموحشة وكما سبق لا نعني بالضعف الوقتي الذي لا يلبث صاحبه أن يرجع ويجدد يقينه وإيمانه ويحاسب نفسه عليها فهذه نوع من الضعف البشري والغفلة التي لا يسلم منها أحد كما قال صلى الله عليه وسلم "إنه ليغان على قلبي فاستغفر الله في اليوم مائة مرة
وهذا وإن كان ضعفاً في الالتزام لكن يُرجى زواله بإذن الله مع ملاحظة النفس ومحاسبتها ولكن الذي يقلق كثيرا ذلك الضعف المسيطر الدائم الذي صاحبه لا تنقم عليه فيه مظهر ولا في شعور فياض في أهمية إصلاح الأمة ودعوتها ولكنك لا تحصل منه على نموذج حيّ فاعل ولهذا ترى الكثرة الكاثرة في صفوف الصحوة وكثير منهم يمر بمرحلة الغثائية
وأسباب ذلك كثيرة وأهمها في نظري ضعف الالتزام وخصوصا الالتزام القلبي العبادي .
أ - مظاهر ضعف الالتزام:
* الاستعجال والتسرع في طلب النتائج في المعنويات والماديات .
* قلة التحمل والصبر على البلاء والمصائب .
* ندرة القيادات والكفاءات في شيء من المجالات .
* الإتكالية والاعتماد على الغير .
* إلقاء التبعة والمسؤولية على الغير أياً كان .
* التخلي عن المسؤولية بل والابتعاد عن مواطنها .
هذه مظاهر عامة أما المظاهر الخاصة بالشخص فمنها :
* الضعف في أداء العبادات وإقامتها والفرح بالانتهاء منها .
* التوسع في المباحات إلى حد التزيد والإسراف فيها .
* التوسع في التأويلات والتوريات لحاجة وغير حاجة بل والكذب أحياناً.
* الإكثار من الجدل والترك العمل .
* الانتصار للنفس والعناد .
* حب الظهور والمدح بين الناس .
* إطلاق العنان للظنون بالناس وخاصة رفقاء الدرب وصفوة الصحبة .
* الانهماك في المغريات وعدم الثبات أمام مطامع الحياة الدنيا .
* التدخل فيما لا يعني .
* محاولة إضاعة الوقت أو التشاغل عنه بما لا يفيد مع إقناع النفس أنه في عمل صالح
ب - أسباب ضعف الالتزام ومنها :
* ضعف عبودية القلب ومنه ينشأ كل ضعف وضمور :
فيضعف الإخلاص والتجرد وتضعف المراقبة لله في قلب المؤمن ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : (( إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب الخلق فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم ))
وقال عليه الصلاة والسلام : ((إنما القلب من تقلبه، إنما مثل القلب كمثل ريشة معلقة في أصل شجرة يقلبها الريح ظهراً لبطن))
وفي رواية : (( مثل القلب كمثل ريشة بأرض فلاة يقلبها الريح ظهراً لبطن ))
وهو شديد التقلب كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ((لقلب ابن آدم أسرع تقلباً من القدر إذا استجمعت غلياناً ))
وفي رواية : ((أشد تقلباً من القدر إذا اجتمعت غلياناً))
والله سبحانه وتعالى هو مقلب القلوب ومصرفها كما جاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ))
* البعد عن تدبر كلام الله : قال تعالى : ((أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً )) (النساء : 82) .
وقوله تعالى : ((أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءهُمُ الْأَوَّلِينَ)) (المؤمنون : 68) .
* البعد عن الاعتبار بالآيات الكونية والاعتبار بالحوادث السالفة واللاحقة قال عز وجل: ((أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ )) (غافر: 82) .
(( قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)) (الأنعام : 11) .
((سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)) (فصلت: 53).
* عدم فقه ودراسة أسماء الله الحسنى وصفاته العلى .
* التعلق بالدنيا، وقد حذرنا ربنا تبارك وتعالى من التعلق والركون للدنيا فقال سبحانه: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ)) (فاطر: 5) .
* البيئة المحيطة من البيت والشارع والأصدقاء .
* الاستجابة للوساوس والشبهات الشيطانية .
* الحماس الشديد والاندفاع غير المنضبط في بداية الاستقامة .
* الوهم والتخيلات الباطلة من تبعات الالتزام والاستقامة وتخذيل البعض من رفقاء السوء وتخويفه من العواقب والحرمان من المجالات .
* بعض الأحداث المحلية أو العالمية أو تخلف بعض التوقعات والتحليلات فتكون سببا لانتكاسته وزهده في الدعوة وروادها لمثل هذا السبب . يتبع بإذن الله
| |
|
نور الايمان مشرفة عام
عدد الرسائل : 917 Personalized field : تاريخ التسجيل : 05/03/2008
| موضوع: رد: نظرات في ضعف الالتزام الثلاثاء 07 أكتوبر 2008, 06:35 | |
|
ج - علاج ضعف الالتزام :
مراجعة الأسباب والعلم بأضدادها .
ومن أنواع العلاجات النافعة، أذكر منها ما يلي :
1- الجدية في الالتزام وتربية النفس على الجد والحزم في التمسك والأخذ بهذا الدين ، قال تعالى: ((يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً)) (مريم : 12) .
وقال تعالى : ((وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ)) (الأعراف : 145) .
2- دعاء الله والاستعانة به تبارك وتعالى: فالله سبحانه وتعالى بيده ملكوت كل شيء ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ثمّ إن الله تبارك وتعالى قريب سميع مجيب الدعوات .
قال سبحانه : ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)) (البقرة : 186) .
3- معرفة حقيقة الدنيا : وأن مصيرها إلى الزوال والفناء ، وأن كل هذه الشهوات تفنى وتنتهي وتزول إلا ما كان خالصاً لوجه الله الكريم ((كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ)) (الرحمن : 26 ، 27 ) .
وقد حذرنا الله تبارك وتعالى من النظر إلى زينة الحياة رغبةً فيها ، كما أوضح الله لعباده حقيقة هذه الدار الفانية فقال تعالى : ((لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)) (آل عمران : 197،196) .
وقال تبارك وتعالى موصياً نبيه محمد عليه الصلاة والسلام : ((لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ)) (الحجر: 88) .
وقال تعالى محذراً لعباده من الافتتان بالدنيا: ((إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)) (يونس : 24) .
4- تذكر الموت، وما بعد الموت من شدائد وأهوال : فهذا الأمر يجعل العبد والسائر إلى الله دائماً ما يتذكر ما أعده الله لأهل طاعته فيجتهد، ويتذكر ما أعده الله لأهل معصيته فيخاف ويبتعد، لذا أمر عليه الصلاة والسلام بتذكر الموت، وأمر أصحابه وأمته بزيارة المقابر ففي سنن الترمذي من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أكثروا ذكر هادم اللذات يعني الموت)) .
وفي صحيح مسلم من حديث ابن بريدة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)) .
5- مخالفة الهوى : وقد بين لنا ربنا حقيقة النفس فقال : ((إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ )) ( يوسف:53) .
فالنفس قد تكون طاغوتًا يعبد من دون الله دون أن يدري الإنسان منا ، قال تعالى: ((أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ )) (الجاثية :23) .
لذلك قال تعالى في عاقبة من يخالف نفسه في هواها ((وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى )) (النازعات :40-41) .
6- تعاهد النفس على الأعمال الصالحة : من الإكثار من تلاوة القران، وكثرة ذكر الله تبارك وتعالى، والحرص على الصدقة، وعلى صلة الأرحام والأقارب، وقيام الليل، والمداومة على السنن الرواتب، وطلب العلم الشرعي، ومساعدة الفقراء وذوي الحاجة والفاقة، وتدبر كتاب الله عز وجل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وصلاة الضحى التي هي صلاة الأوابين التائبين، وصوم التطوع - وهذا بابه واسع - ، والذهاب للعمرة، وتعلق القلب بالله تبارك وتعالى، وببيوت الله تعالى، إلى غير تلك الأعمال .
المهم لا بد من الإكثار من القربات والتطوعات والأعمال الصالحة، ولا يصح إيمان بلا عمل .
قال الحسن البصري - وقد صح عنه موقوفًا وهو ضعيف مرفوعاً - : ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في القلب وصدقته الأعمال، وإن قومًا خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم، قالوا : نحسن الظن بالله . وكذبوا، لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل .
وفي صحيح مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة فكل تسبيحه صدقة وكل تحميده صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى)) .
وهكذا العبد فلا يزال يترقى في درجات العبادة والتعبد لله تبارك وتعالى حتى يصل لمنزلة عالية القدر، رفيعة المكانة عند الرب تبارك وتعالى.
ومما جاء في ذلك ما ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله قال من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته)) .
ويقول سبحانه وتعالى : (( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)) (النحل : 97) .
7- البحث عن البيئة الصالحة : وهذه البيئة هي التي تعين بعد فضل الله وتوفيقه على الثبات .
ولا أدلّ على هذا المعنى من قصة قاتل المائة التي قصّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا قصتهم .
ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة ؟ فقال لا فقتله فكملّ به مائة ، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدلّ على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة ؟ فقال : نعم ومن يحول بينه وبين التوبة ؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء . فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب . فقالت ملائكة الرحمة : جاء تائباً مقبلا بقلبه إلى الله تعالى وقالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيرا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم - أي حكماً - فقال : قيسوا ما بين الأرضيين فإلى آيتهما كان أدنى فهو له فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة))
وفي رواية في الصحيحين : ((فكان إلى القرية الصالحة أقرب بشبر فجعل من أهلها )) .
وفي رواية في الصحيحين : ((فأوحى الله تعالى إلى هذه أن تباعدي وإلى هذه أن تقربي وقال قيسوا ما بينهما فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر فغفر له )).
وفي رواية عند البخاري في صحيحة (( فنأى بصدره نحوها)) .
8- عدم التسويف في الأعمال الصالحة والمبادرة الفورية للصالحات :
قال الله تعالى: ((فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ)) (البقرة 148) .
وقال تعالى: ((وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)) (آل عمران 133).
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم : يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا )) .
9- ضبط النفس في الأمور المباحة : وعدم إغراق النفس في المباحات والتوسع فيها
فالتوسع في الأمور المباحة يشغل العبد عن مراده من عمارة الكون بطاعة الله تبارك وتعالى .
فالدنيا متاع : (( يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ)) (غافر : 39 ) .
ويقول ابن القيم – رحمه الله – متحدثا عن عقبات الشيطان ومنها : (عقبة المباحات التي لا حرج على فاعلها فشغله بها عن الاستكثار من الطاعات وعن الاجتهاد في التزود لمعاده ثم طمع فيه أن يستدرجه منها إلى ترك السنن ثم من ترك السنن إلى ترك الواجبات وأقل ما ينال منه تفويته الأرباح والمكاسب العظيمة والمنازل العالية ولو عرف السعر لما فوت على نفسه شيئا من القربات ولكنه جاهل بالسعر ، فإن نجا من هذه العقبة ببصيرة تامة ونور هاد ومعرفة بقدر الطاعات والاستكثار منها وقلة المقام على الميناء وخطر التجارة وكرم المشتري وقدر ما يعوض به التجار فبخل بأوقاته وضنّ بأنفاسه أن تذهب في غير ربح)
10- قصر الأمل .
11- عدم احتقار الصغائر من الذنوب : ففي مسند أحمد من حديث عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعنّ على الرجل حتى يهلكنه ، وان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهن مثلا كمثل قوم نزلوا أرض فلاة فحضر صنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا سوادا فأججوا نارا وأنضجوا ما قذفوا فيها)) .
قال ابن الجوزي – رحمه الله –: ( كثير من الناس يتسامحون في أمور يظنونها قريبة و هي تقدح في الأصول كاستعارة طلاب العلم جزءاً لا يردونه، وقصد الدخول يتسامحون على من يأكل ليأكل معه، والتسامح بعرض العدو التذاذاً بذلك واستصغاراً لمثل هذا الذنب، وإطلاق البصر استهانة بتلك الخطيئة وأهون ما يصنع ذلك بصاحبه أن يحطه من مرتبة المتميزين بين الناس، أو فتوى من لا يعلم لئلا يقال : هو جاهل و نحو ذلك مما يظنه صغيرا وهو عظيم [17].
قال بعض السلف: ( تسامحت بلقمة فتناولتها فأنا اليوم من أربعين سنة إلى خلف ) انتهى .
هذا وأسأل الله أن يحي فساد قلوبنا وأن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهّاب .
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك |
| |
|