اروة الحرة عضو نشيط
عدد الرسائل : 67 Personalized field : تاريخ التسجيل : 27/09/2008
| موضوع: ما اكرمك يا الهى الأربعاء 01 أكتوبر 2008, 09:14 | |
|
إذا سد الله عليك بحكمته فتح لك أنفع منه برحمته |
فرغ خاطرك للهم بما أمرت به ولا تشغله بما ضُمن لك ، فإن الرزق والأجل قرينان مضمونان . فما دام الأجل باقياً ، كان الرزق آتيا ً. وإذا سد عليك بحكمته طريقاً من طرقه ، فتح لك برحمته طريقاً أنفع لك منه.
فتأمل حال الجنين يأتيه غذاؤه ، وهو الدم ، من طريق واحد وهو السرّة ، فلما خرج من بطن الأم ، وانقطعت تلك الطريق ، فتح له طريقين اثنين وأجرى له فيهما رزقاً أطيب وألـذ مـن الأول ، لبناً خالصاً سائغاً .
فإذا تمت مدة الرضاع وانقطعت الطريقان بالفطام فتح طرقاً أربعة أكمل منها : طعامان وشرابان ، فالطعامان من الحيوان والنبات ، والشرابان من المياه والألبان وما يضاف إليهما من المنافع والملاذ.
فإذا مات انقطعت عنه هذه الطرق الأربعة . لكنه سبحانه فتح له – إن كان سعيداً – طرقاً ثمانية ، وهي أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء.
فهكذا الرب سبحانه لا يمنع عبده المؤمن شيئاً من الدنيا إلا ويؤتيه أفضل منه وأنفع له . وليس ذلك لغير المؤمن. فإنه يمنعه الحظ الأدنى الخسيس ، ولا يرضى له به ليعطيه الحظ الأعلى النفيس . والعبد لجهله بمصالح نفسه ، وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه ، لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ادخر له . بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئاً ، وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان علياً . ولو أنصف العبد ربه ، وأدنى له بذلك ، لعلم أن فضله عليه فيما منعه من الدنيا ولذاتها ونعيمها أعظم من فضله عليه فيما آتاه من ذلك ، فما منعه إلا ليعطيه ، ولا ابتلاه إلا ليعافيه ، ولا امتحنه إلا ليصافيه،ولا أماته إلا ليحييه ، ولا أخرجه إلى هذه الدار إلا ليتأهب منها للقدوم عليه وليسلك الطريق الموصلة إليه فـ { جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا } [ الفرقان : 62 ] { فأبى الظالمون إلا كفورا } [ الإسراء : 99] . والله المستعان .
|
| |
|