بسم الله والصلاة على المصطفى من خلق الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .
وبعد فمما لا شك فيه أن نسب النبي صلى الله عليه وسلم أشرف نسب على الإطلاق لا يشك في ذلك إلا مماحك معاند مكابر لا يفقه شيئا ومما يدل على ما قلت هو قوله تعالى ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) فقد قرئ قوله تعالى من أنفسكم بفتح الفاء من النفاسة وهي الغلاء أي من أنفسكم نسبا وقد كانت قريش معترفة له بذلك حتى بعدما خالفهم في دينهم وصاروا من أكبر أعدائه لم يقلعوا عن كونه أشرفهم نسبا وأعلاهم مكانة وأكملهم خلقا وخلقا صلى الله عليه وسلم والدليل على ذلك قول أبو سفيان وهو إذ ذاك على شركه لهرقل عندما سأله عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال هو من أشرفنا نسبا فقال كذلك النبي يبعث في أشرف بيت من قومه أو كما قال في الحديث .
وفي الحديث الذي رواه مسلم عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم ) . صلى الله عليك يا رسول الله المصطفى من خلقه
أما آباؤه فقد كانوا في ذروة شرف قومهم كذلك فأبوه عبد الله كان شريفا في قومه عزيز الأهل والأخوال لذلك لما أراد عبد المطلب أن يذبحه تقربا لله وكان ذلك جائز في شريعة إبراهيم قال أخوال عبد الله وهم بنو مخزوم وهم بيت العز في قريش بعد بني عبد مناف والله لا تذبح ابن ابنتنا فتثكلها أي تتركها والهة ثكلى محزونة فلجأ عبد المطلب أمام امتناع أخوال عبد الله من ذبحه إلى كاهن كان بخيبر يبتغي عنده الحل لهذه القضية فأمره أن يجعل القرعة بين عبد الله وبين عدد من الإبل فإذا وقع السهم عليها فلينحر الإبل فإن الله قد رضي هذا العدد فدية لعبد الله فجعل عبد المطلب يقترع على عبد الله وعلى الإبل حتى بلغت مائة ناقة فوقعت عليها القرعة فنحرها عبد المطلب وترك ابنه .
وأما عبد المطلب فكان من شرفه ما لا يخفى على أي أحد في عصره وبعد عصره حتى أنه من شرفه في قومه كان له ألقاب كبيرة مثل الفياض وشيبة الحمد وحتى أنه كان يجلس في مكان عند الكعبة على كرسي ولا يجلس في ذلك المكان أي أحد مهما بلغ شرفه ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم طفلا في كفالة جده عبدالمطلب كان يأتي فيجلس في ذلك المكان فتنهره قريش ولا ينزجر فيقول لهم عبد المطلب دعوا ابني هذا فإن له شأنا .
وأما هاشم فكان شرفه معلوما عندهم بالضرورة وسبب تلقيبه بهاشم هو كونه أول من هشم الثريد بمكة للحاج واسمه الحقيقي عمرو قال بعض شعرائهم :
عمرو العلا هشم الثريد هشم الثريد لقومه ****ورجال مكة مسنتون عجاف
وقوله عمرو العلا هو لقب أيضا لهاشم لعلو رتبته في الفضل والكرم وما كان يوازيه أحد في عصره في الخصال الجميلة
وأما عبد مناف فكان شرفه لا ينكر وكان يلقب بقمر البطحاء وكان له من الولد أربعة منهم أكثر بطون مكة وأشرافها وهم هاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل قال في عمود النسب :
عبد مناف قمر البطحاء ***أربعة بنـــــــــــوه هؤلاء
مطلب وهــاشم ونوفل***وعبد شمس هاشم لا يجهل
وأما قصي فهو أشرف أهل زمانه وهو الذي رد لقريش مفخرة البيت والحرم وكانت خزاعة نزعتها من جرهم الذين ورثوها من زمن إسماعيل وكان قصي اشترى مفاتيح الكعبة من رجل من خزاعة يقال له أبو غبشان بزق أي إناء من خمر فضرب المثل بخسارة أبي غبشان وبخيبة صفقته وبحمقه وكذلك بغبنه وغبن قبيلته قال أحد الشعراء :
باعت خزاعة بيت الله إذ سكرت ***بزق خمر وبيست صفقة البادي
باعت سدانتها بالنزر وانصرفت*** عن الحطيم وظل البيت والنادي
وقال في ذلك ناظم عمود النسب :
ولم تزل خزاعة أهل الحرم *** حتى أزاحهم قصي الخضم
بزق خمر من أبي غبشان *** رئيسهم ذي الغبن والخسران
نال المفاتيح قصي وذمر *** أخاه من قضاعة حتى انتصر
أما أمهاته صلى الله عليه وسلم فكن من أشرف أهل زمانهن فأمه آمنة كانت من أشرف بيت في بني زهرة من قريش وأمها من بني عبد الدار بن قصي وأمها من بني أسد بن قصي وأمها من بني عدي بن كعب بن لؤي
وأم أبيه فاطمة بنت عمرو المخزومية من أشرف بيت بعد بني عبد مناف
وأم عبد المطلب من بني النجار من الأنصار واسمها سلمى بنت عمرو من أشرف بيت في الأنصار فهم أي بني النجار أخوال النبي صلى الله عليه وسلم لذلك نزل عليهم لما جاء إلى المدينة المنورة في الهجرة الشريفة صلى الله عليه وسلم ما غنت على الأيك الحمائم .
ولم يصب آباء النبي صلى الله عليه وسلم ولا أمهاته من نكاح الجاهلية الفاسد شيء بل كان كلهم نكاحهم صحيح وكان عندهم صور للنكاح منها النكاح الموجود الآن وصور أخرى فاسدة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدتني أبي وأمي ولم يصبني من سفاح الجاهلية شيء ) خرجه العدني والطبراني في الأوسط وابن عدي علي كرم الله وجهه . قال ناظم عمود النسب في ذلك :
خير الشعوب شعبه لآدم *** وقرنه خير قرون العالم
من مؤمنين متناكحينــــا ***خرج لا من متسافحينــا
ينقل من أصلاب طاهرينا***لطاهرات من لدن أبينا
وكيف لا والمشركون نجس***ومن أذى نبينا مقدس
من ساجد لساجد تقلبـــــــا ***صلى عليه الله ما هب الصبا
وجعل الدين عمود نسبه *** كلمة باقية في عقبــــــه
فيه ربه له تقبـــــــــــلا *** دعاءه من كل بر سألا
كترك الاصنام وترك الموبقات***وكلما يزري بمنصب الثقات
وقال عبد الله حين اعتصما *** ممن دعته إذ تبيع الأدما
أما الحرام فالممات دونـــه***والحل لا حل فأستبينــــه
فكيف بالأمر الذي تبغينــه*** يحمي الكريم عرضه ودينه
والعذر بالفترة والإحيـــاء***فيؤمنوا ورد في أنبـــــاء
والقول فيهم بخلاف هـذا***يأبـــــــــاه أنه النبي آذى
ولعن الإلــــه من آذاه *** في هذه الدار وفي أخراه
والحمد لله الذي بنعمته وجلاله تتم الصالحات
الأحد 23 نوفمبر 2014, 08:26 من طرف 
