قال أبوالعباس الناشئ يمدح رسول الله صلىالله عليه وسلم:
مدحت رسول الله أبغي بمدحه ****وفور حظوظي من كريم المآرب
مدحت امرأ فات المديح متحدا ****بأوصافه عن مبعد ومقارب
نبيا تسامى في المشارق نوره****فلاحت هواديه لأهل المغارب
أتتنا به الأنباء قبل مجــــيئه **** وشاعت به الأخبار في كل جانب
وأصبحت الكهان تهتف باسمه***وتنفي به رجم الظنون الكواذب
وأنطقت الأصنام نطقا تبرأت****إلى الله فيه من مقال الأكاذب
وقالت لأهل الكفر قولا مبينا****أتاكم نبي من لؤي بن غالب
ورام استراق السمع جن فزيلت***مقاعدهم منها رجوم الكواكب
هدانا إلى ما لم نكن نهتدي به ***لطول المعمىمن واضحات المذاهب
وجاء بآيـــــــــات تبين انها ****دلائل جبــــــــــــار مثيب معاقب
فمنها انشقاق البدر حين تعممت***شعوب الضيا منه رؤوس الأخاشب
ومنها نبوغ الماء بين بنانه****وقد عدم الوراد قرب المشـــــــــارب
فروى به هما فقيرا وأمهلت***بأعناقه طــــــــوعــــــــا أكن المذانب
وبئر طغت بالماء من مس سهمه***ومن قبل لم تسمح بمذقة شارب
وضرع مراه فاستدر ولم يكن ****به درة تصغي إلى كف حالب
ونطق فصيح من ذراع مبينة ****لكيد عدو للعداوة نـــــاصب
وإخباره بالأمر من قبل كونه ****وعند بواديه بما في العواقب
ومن تلكم الآيات وحي أتى به ****قريب المآتي مسجم العجائب
تقاصرت الأفكار عنه فلم يطع ****بليغا ولم يخطر على قلب خاطب
حوى كل علم واحتوى كل حكمة***وفات مرام المستمر الموارب
أتانـــا به لا عن روية مرئيء****ولا صحف مستمل ولا وصف كاتب
يواتيه طورا في إجابة سائل***وإفتاء مستفت ووعظ مخاطب
وإتيان برهان وفرض شرائع****وقص أحاديث ونص مآرب
وتصريف أمثال وتثبيت حجة****وتعريف ذي جحد وتوقيف كاذب
وفي مجمع النادي وفي حومة الوغى****وعند حدوث المعضلات الغرائب
فيأتي على ما شئت من طرقاته****قويم المعاني مستدر الضائب
يصدق منه البعض بعضا كأنما****يلاحظ معناه بعين المراقب
وعجز الورى عن أن يجيؤو بمثله***وصفناه معلوم بطول التجارب
تأبى بعبد الله أكرم والد****تبلج منه عن كريم المناسب
وشيبة ذي الحمد الذي فخرت به ***قريش على أهل العلا والمناصب
ومن كان يستسقى الغمام بوجهه****ويصدر عن آرائه في النوائب
وهاشم الباني مشيد افتخاره ****بغر المساعي وامتنان المواهب
وعبد مناف وهو علم قومه اشـ***ـتطاط الأماني واحتكام الرغائب
وإن قصيا من كريم غراسه****لقي منهل لم يدن من كف قاضب
به جمع الله القبائل بعدما****تقسمها نهب الأكف السوالب
وحل كلاب من ذرى المجد معقلا***تقاصر عنه كل دان وغائب
ومرة لم يحلل مريرة عزمه****سفاه سفيه أو محوبة حائب
وكعب علا عن طالب المجد كعبه***فنال بأدنى السعي أعلى المراتب
وألوى لؤي بالعداة فطوعت****له همم الشم الأنوف الأغالب
وفي غالب بأس أبي البأس دونهم****يدافع عنهم كل قرن مغالب
وكانت لفهر في قريش خطابة ****يعوذ بها عند اشتجار المخاطب
وما زال منهم مالك خير مالك***وأكرم مصحوب وأكرم صاحب
وللنضر طول يقصر الطرف دونه****بحيث التقى ضوء النجوم الثواقب
لعمري لقدأبدى كنانة قبله ****محاسن تأبى أن تطوع لغالب
ومن قبله أبقى خزيمة حمده ***تليد تراث عن حميد الأقارب
ومدركة لم يدرك الناس مثله***أعف وأعلى من دنيء المكاسب
وإلياس كان الياس منه مقارنا***لأعدائه قبل اعتداد الكتائب
وفي مضر يستجمع الفخر كله***إذا اعتركت يوما زحوف المقانب
وحل نزار من رياسة أهله ****محلا تسامى عن عيون الرواقب
وكان معد عدة لوليه ****إذا خاف من كيد العدو المحارب
وما زال عدنان إذا عد فضله ****توحد فيه عن قرين وصاحب
وأد تأدى الفضل منه بغاية ****وإرث حواه عن قرون أشائب
وفي أدد حلم تزين بالحجا****إذا الحلم أزهاه قطوب الحواجب
وما زال يستعلي هميسع بالعلا****ويتبع آمال البعيد المراغب
ونبت بنته دوحة العز وابتنى ****معاقله في مشمخر الأهاضب
وحيزت لقيدار سماحة حاتم*****وحكمة لقمان وهمة حاجب
هم نسل إسماعيل صادق وعده***فما بعده في الفخر مسعى لذاهب
وكان خليل الله أكرم من عنت***له الأرض من ماش عليها وراكب
وتارح ما زالت له أريحية ****تبين منه عن حميد المضارب
وناحور نحار العدى حفظت له *** مآثر لما يحصها عد حاسب
وأشرع في الهيجاء ضيغم غابة ****يقد الطلا بالمرهفات القواضب
وأرغو ناب في الحروب محكم ****ضنين على نفس المشح المغالب
وما فالغ في فضله تلو قومه ****ولا عابر من دونهم في المراتب
وشالخ وأرفخشد وسام سمت بهم****سجايا حمتهم كل زار وعائب
وما زال نوح عند ذي العرش فاضلا ****يعدده في المصطفين الأطايب
ولمك أبوه كان في الروع رائعا****جريئا على نفس الكمي المضارب
ومن قبل لمك لم يزل متوشلخ ****يذود العدى بالذائدات الشوارب
وكانت لإدريس النبي منازل****من الله لم تقرن بهمة راغب
ويارد بحر عند أهل سراته****أبي الخزايا مستدق المآرب
وكانت لمهلائيل فهم فضائل ****مهذبة من فاحشات المثالب
وقينان من قبل اقتنى مجد قومه ****وفات بشأو الفضل وخد الركائب
وكان أنوش ناش للمجد نفسه ****ونزهها عن مرديات المطالب
وما زال شيث بالفضائل فاضلا****شريفا بريئا من ذميم المعايب
وكلهم من نور آدم أقبلوا *****وعن عوده أجنوا ثمار الناقب
وكان رسول الله أكرم منجب****جرى في ظهور الطيبيبن المناجب
مقابلة آباؤه وأمهاته *******مبرأة عن فاضحات المثالب
عليه سلام الله في كل شارق***ألاح لنا ضوءا وفي كل غارب