بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أنزل القرآن بلسان عربي مبين والصلاة والسلام على من بعثه الله في عز العرب وذروتهم قريش وجعله يتربى في بني سعد الفصحا ففي الحديث أنا أفصح العرب بيد أني من قريش وتربيت في بني سعد أو كما قال صلى الله عليه وسلم . وبعد فإن الناظر في اللغات يجد في أول وهلة أنه لا مقارنة بين العربية وغيرها من اللغات وذلك لأمور منها على سبيل المثال لا الحصر :
سعة اللغة العربية وكثرة موادها واستخدام ألفاظها في أكثر من معنى واعتبارها من كل الجهات وكثرة المجازات عند العرب والكنايات المعبرة التي تضفى على المعنى طلاوة وتجعله أكثر في السمع حلاوة . أما كثرة المواد فهي أوضح من أن يشك فيها من نظر في اللغة العربية أدنى نظر فإن العربية توجد فيها مئات الأسماء للمسمى الواحد وخذ أمثلة على ذلك " الأسد " لا نعرف له في اللغة الإنجليزية مثلا إلا ( lion ) أما في اللغة العربية فله عدة أسماء تبلغ خمسمائة اسم كما ذكر ذلك ابن خالويه النحوي في تأليف خاص في أسماء الأسد وأسماء الشبل وهو ابن الأسد في اللغة العربية تبلغ ثلاثمائة اسم بينما في بعض اللغات قد لا يوجود له إلا أسد صغير أو نحو ذلك فضلا عن أن يوجد هذا العدد .وكذلك الحية لها أربعمائة اسم في العربية وفي بعض اللغات ليس لها إلا اسم واحد وذكر العلماء للسيف في العربية أكثر من سبعين اسما ومن تتبع ذلك تعب ولم يستقص مراده .وهذا النوع يسمى المترادف وقد فاقت فيه العربية اللغات كلها وحازت قصب السبق .ومن أنواع الكلام التي فازت فيها أيضا المشترك وهو أن يكون لفظ يشترك فيه كثير من المعاني مثل العين تقال لأشياء كثيرة منها العين الباصرة ومنها الذهب والفضة وعين الماء وعين الشيء حقيقته أو ما هيته وغير ذلك .
ومن أنواع وسع اللغة العربية كونها لا تحصر ألفاظها لكثرتها وتشعبها حتى أن كل من ألف فيها من العلماء قعد عاجزا عن استقصاء ألفاظها فعلى سبيل المثال لسان العرب لابن منظور ثمانية عشر مجلدا وهناك كثير من الألفاظ فاتته ذكرها صاحب القاموس الذي ذكر في كتابه ستين ألف مادة مع أن في لسان العرب عشرين ألف مادة ليست في القاموس فكل المؤلفين في كتابه ألفاظ كثيرة لم توجد في الآخر ولوسع اللغة قال الشافعي رحمه الله تعالى : لا يحيط باللغة إلا نبي . ومع هذا الله سبحانه وتعالى سهل هذه اللغة الكبيرة الواسعة على الناس فالعرب كان أكثرهم أميون لا يكتبون ولا يقرأون ومع هذا كانوا يعرفون لغتهم جيدا حتى أن الواحد لا يتحمل أبسط لحن يسمعه ولا يقدر أن ينطق به وهذا الأمر يزيدك عجبا عندما يجيء القرآن الكريم بهذه اللغة فيجيء كتاب معجز كل الفصحاء من العرب وغير العرب مع الإيجاز والكمال والاحتواء على كل العلم وكل خبر مضى أو غبر ففي الحديث ( القرآن فيه خبر من قبلكم ونبأ من بعدكم وفصل ما بينكم ) فهو القرآن المعجز كل البشر وفي كل الزمان فهل قدر أحد أن يأتي بحرف يشابه حرفا من القرآن الله سبحانه وتعالى أراد أن يرفع قدر العرب وقدر لغتهم عندما جعل النبي صلى الله عليه وسلم وهو أفضل نبي من العرب وجعل القرآن وهو أفضل كتاب بالعربية .
ما تقدم عن المفردات اللغوية أما النحو والقواعد فمن قرأ نحو اللغة العربية وقواعدها استخف بقواعد غيرها من اللغات لأن هناك كثير من القواعد في اللغة العربية لا توجد أصلا في اللغات الأخرى فخذ على سبيل المثال في العربية هناك صيغ للمؤنث والمذكر وفي الإنجليزية لا توجد علامة للمؤنث وفي العربية هناك فرق بين المثنى والجمع وفي الإنجليزية المثنى والجمع مدروجان في صيغة واحدة .
في اللغة العربية الضمائر مفصلة تفصيلا لا يوجد معه لبس أبدا مثل الضمير أنت تفرع منه للمفرد المخاط صيغة وللفرد المؤنث صيغة وللجمع كذلك صيغة وفي الإنجليزية لا يوجد للمخاطب ضمير غير ضمير واحد يشترك فيه كل المخاطبين مما يجعل الأمر قد يلتبس على السامع والقارئ وهو ( you) ولو تتبعنا هذا النوع لجاء فيه مجلد كبير
ومن تشريف العربية على غيرها ما امتازت به من وجود بحور شعرية وأوزان وأنظام كثيرة أجمل ما يكون والشعر في اللغات الأخرى يكاد يكون معدوما بل هو أشبه بالنثر وليس ذا أهمية كما هو في العربية .
هذا ما يحضرني الآن من أوجه تفضيل اللغة العربية وهو على سبيل المثال لا الحصر لأن مميزات اللغة العربية تحتمل مجلدات كبيرة لكونه كثيرة جدا والله أعلم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه