نور الايمان مشرفة عام
عدد الرسائل : 917 Personalized field : تاريخ التسجيل : 05/03/2008
| موضوع: عزيزي القارئ اصلح ذاتك تنعم بحياتك الخميس 27 مارس 2008, 05:31 | |
| * كيف أتغير؟
* كيف أتحول؟
* من أين أبدأ؟..
إنها أسئلةكثيرًا ما تتردد داخلنا، وتطرق أسماعنا، وتلح على قلوبنا، وليس الداعية بمنأى عنأمثال هذه الأسئلة، وليس هو بأغنى عن إصلاح نفسه والنظر الدائم فيها ومراجعتها؛فالنفس متقلبة، وسبحانه وتعالى مقلب القلوب، ولَقلبُ ابن آدم أشد انقلابًا من القدرإذا استجمعت غليانًا، كما أخبر المعصوم صلى الله عليه وسلم.
ولعلك تفهم أنمجرد المعرفة والعلم بخطر المعصية لا يكفي للابتعاد عنها وتركها؛ فكم من علماءاجترءوا على ما لا يجترئ عليه جاهل!
ولعلك تقول متحيرًا: كم من مرة حاولتوقررت العودة، بل وحددت لنفسي يومًا أو موسمًا أبدأ منه، ويمر اليوم وينقضي الموسموأنا على حالي!!
وكم من مرة بدأت فعلا، ولكن ما أكاد أسير في الطريق يومًاأو يومين إلا وأنتكس مرة أخرى لعوامل من داخلي، أو لطوارئ ودواعٍ من خارجي. إذن: ماالعمل؟ وأين الطريق؟لا بد لكل منا من نقطة تحوُّل، يُحَوِّل فيها مسارهإلى طريق الله، ويهجر طريق الشيطان، ويحذر قُطاع الطرق.
في السطور التاليةأرجو أن تعيرني قلبك لا سمعك، وإحساسك لا عينك، ونحاول سويًّا بإذن الله أن نتلمسسبيل الوصول إلى الله عز وجل في خطوات متدرجة، استقيتها من تجارب العلماء في بدءتعاملهم وإنابتهم إلى رب العزة سبحانه وتعالى.
ومنالبداية أقول لك: لا تظن أن الطريق سهل. فما تسعى إليه قد حُفَّبالمكاره والعقبات والأشواك، ولكنك عندما تصل ويفتح لك مولاك الباب ستنسىالالالأستنسى كل ألم، وستودع كل تعب، وستحس بلذة لا تضارعها لذة دنيوية.
الحجر الصحي! أول ما يجب أن تقوم به هوعزل نفسك عن مَواطن المعصية ورفقائها؛ حتى لا تجد فرصة للمعاصي، فتنقطع تمامًا عنالمعصية.
ثم الزم الإلحاح على معاتبة نفسك وتذكيرها ربها، وردد على سمعكدائمًا أنك لا بد ستموت إن عاجلا أو آجلا، وستلقى الله عز وجل فيحاسبك. اصمت تسلمدرِّب نفسك على أن تصمت أكثر مماتتكلم؛ فإن النفس إذا صمتت سكتت، فإذا طال سكوتها تبين لها الكثير مما كانت تخوضفيه من الباطل، وعندها تنكسر؛ إذ تعلم أنها متعرضة لسخط مولاها.
ثم عاوِدالعتاب مرة أخرى، وذكِّرها بذنوبها ومعاصيها ذنبًا ذنبًا، وعرِّفها عقوبة كل ذنب منتلك الذنوب؛ حتى تعترف وتُقِر. انسَ طاعاتكإذا اعترفت نفسك بالتقصير والذنوب؛ فأدِم تذكيرها بعظيم جرائمهاوذنوبها، وأوهمها أنها لم تعمل في حياتها إلا المعصية، وأنسِها في هذه المرحلةحسناتها وطاعاتها؛ حتى توقن بالهلاك إن لم تتب، ويستيقظ ضميرها، وتسيل دمعتها.
فإذا ما استيقظ ضمير نفسك، وسالت دمعتها، وأيقنت بالهلاك فأخبرها بضرورةالإقلاع عن المعاصي والاستدراك، وأن هذا لا يتأتى إلا بهجران كل أسباب المعصية؛ منأصحاب وأهل وقرابة وأدوات، وأخبرها أنها لا تصح توبتها إلا بترك ذلك كله. أذلها بالجوعإذا نفرت نفسك من ذلك وأبَت؛ فاكسرهابكثرة الصيام، وأذلها بالجوع؛ فإن النفس إذا آلمها الجوع تخشع وتستمع وتستسلمللمعاتبة فتقبل، فإذا لم تقبل فذكِّرها بعذاب الله وسوء المصير؛ حتى تلين لك،وعندها ستجدها تعطيك وعدًا بترك المعاصي بعد قليل، وتسوف لك متعللة بقضاء بعضحوائجها. قاوم التسويفإذا وجدتها تسوف لكوتعد لأمد طويل أو قصير، فاحمل عليها حملة شديدة بالزجر والتذكير بعدم ضمان الأجل،وأنه لربما تستوفي أجلها قبل أن يحين الموعد، وأعد عليها ذكر العقوبات والنقم.
تحلية بعد تخليةفإذا أذعنت لك وطاوعتكفي قطع أسباب المعصية، فاعمل على إكسابها أضداد ما قطعته وفارقته؛ فابحث لها عنصاحب مرشد بدلا من الصاحب المغوي، وعلِّمها الذكر بدلا من السهو والغفلة، وألزمهاالتثبت والتفكر بدلا من الطيش والعجلة، وأذقها مناجاة الرب سبحانه وتعالى وحلاوةتلاوة كتابه.
ومطالعة العلم، والتعرف على سير الصالحين وأخلاقهم، بدلا منالخوض في الباطل ومجالسة الفاسدين المفسدين، وعندها تجتمع أنوار هذه البدائل فيقلبك، ويستنير عقلك بموروثات الطاعة، ويؤيدك الله بمعونته، وتقهر أنوار الطاعةأهواء نفسك؛ فتتحول الطاعة إلى طبع وعادة. مثلما كانت المعصية لها طبع وعادة.
إياك والعُجبإذا وصلت نفسك لهذه المرحلةمن الاستقامة على طاعة ربها؛ فربما نما فيها العُجب بطاعتها وتركها للمعصية،فازجرها عن ذلك، وذكرها بنظر الله عز وجل إلى ضميرها، وخوفها بحبوط هذا العمل،وشككها في قبوله. تذكر ماضيكوإذا نجتالنفس من العجب بأعمالها فربما وقعت في الكبر والاستطالة على الناس لما ترى منمعاصيهم واستقامتها، فتزدري العاصين وتترفع عليهم، عندها ذكرها بماضيها وما كانتعليه، وأقرِع سمعها بقوله عز وجل: {كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُعَلَيْكُمْ}، وقول القائل: "رب معصية أورثت ذلا وانكسارًا خير من طاعة أورثت عزًّاواستكبارًا"، وخوفها من خاتمة السوء، حتى تعرف قدرها وتنفي الكبر عن ضميرها.
ولكن لا تعتقد أن هذه هي النهاية؛ فكما يقولون: "إن الوصول إلى القمة سهل،ولكن الحفاظ عليها هو الصعب"، فيجب أن تكون على حذر دائمًا، وأن ترعى نفسك وتهذبهادومًا مما يعكر عليها صفو الطاعة؛ حتى تظل على هذه الحالة من الاستسلام والانقيادلله عز وجل، والنفور من معصيته.
وأخيرًا عليك الدوامعلى الدعاء بالثبات، واحذر الانتكاسة، واعلم أن الهداية من الله عزوجلاللهم اهدنا يارب واهدي بنا | |
|